السَّمَاءُ هَل هيَ موطنُك المُستقَبلي؟

ماذا عن مستقبلك؟

من يستطيع أن يفكر بالمستقبل بدون أن يفكر إذا ما كان هناك وجود آخر بعد هذه الحياة؟ لا يمكن للإنسان أن يتفادى الأفكار المتعلقة بحالته بعد الموت، ولكنه يميل إلى أن يبقيها خارج فكره. إنه يشغل نفسه بالأشياء التي في هذه الحياة، تاركاً أفكار الموت، والسماء، والجحيم إلى مستقبل بعيد (متى ٢٤: ٤٨، الجامعة ٨: ١١). ولكن الواقع هو أن خياراً يجب القيام به. ألا تفعل شيئاً سيعني أن تكون هالكاً إلى الأبد.

هناك مصيران فقط

 أمجاد السماء وفظائع الجحيم تقنعنا بأن علينا أن نتخذ السماء مصيراً أبدياً لنا. هناك خيار يجب القيام به إن وجب علينا أن ندرك هذه المكافأة. ما من خاطئ سيدخل السماء؛ هذا أمر أكيد. سيكون هناك عقاب أبدي في الجحيم ينتظر أولئك الذين لا ينالون غفران خطاياهم. "فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَاب أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ" (متى ٢٥: ٤٦).

السَّماءُ- موطن ُكلِّ المَفديين

بالنسبة إلى المفديين، أولئك الذين اغتسلوا بدم المسيح، السماء تكون لهم مكاناً خاصاً (رؤيا ٧: ١٣-١٤). إنها وطن. رغبتهم إلى السماء هي مثل رغبة كاتب المزامير في المزمور ٦٣: ١: "عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي... فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلاَ مَاءٍ". بالنسبة إلى الذهن الشهواني الدنيوي، السماء تبدو مكاناً بعيداً نائياً. وبالنسبة إلى الشخص المولود من روح قدس الله، السماء قريبة وحقيقية. إنه يختبر تذوقاً مسبقاً لوطنه الأبدي. الفضائل التي كان المسيح مثالاً عنها، الحق، والتواضع، والنقاء، والمحبة ثمينة في عيني ابن الله. كما أن الله ينعم على حياة المؤمن بالمحبة من السماء، هو حريص على أن يكون صادقاً ومتواضعاً. قلبه يتوق إلى ملء ونقاء هذه النعم المسيحية في الوطن السماوي (٢ كورنثوس ٥: ١).

السَّماءُ- مكان النُّور

الحياة على هذه الأرض لها ظلال عديدة. غالباً ما نصطدم بالأشياء التي لا نفهمها. نحاول أن ننظر إلى المستقبل، ولكننا عاجزون عن فعل ذلك. وغالباً ما نختبر خيبات الأمل في حياتنا. كل هذا يمكن وصفه بالظلمة. السماء فيها نورٌ فقط. إنها حيث يسكن الله. "إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ" (١ يوحنا ١: ٥). في نوره يكون الفهم الكامل. المعرفة ستكون كاملة. الماضي وكل الأحداث ستكون ممحية كلياً. في هذا النور، ستكون هناك شركة كاملة بين الآب وكل أولئك الذين يقيمون معه. توصف السماء بأنها "مِيرَاث الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ" (كولوسي ١: ١٢). مواصفات النور المُدرجة في الكتب المقَدّسة هي المعرفة، والقداسة، والفرح. النور لا ينطفئ أبداً- يبقى إلى الأبد. ولن يكون هناك ليلٌ (رؤيا ٢١: ٢٥).

السماء- مكانٌ بلا تهديدٍ أو خطيئة

إقرأ النص كاملاً السَّمَاءُ هَل هيَ موطنُك المُستقَبلي؟

"وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ وَلاَ مَا يَصْنَعُ رَجِسًا وَكَذِبًا" (رؤيا ٢١: ٢٧). التثبيط، والخيبة، والإغواء، والخطيئة هي جزء من الحياة الأرضية. سوف لن تدخل أبداً تلك الأرض الجميلة. في رؤيا ٢١: ٤ نقرأ: "وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ". بالنسبة إلى المسيحي، السماء هي تحقيق الراحة، إكمال الرحلة. إنه يعرف أنه، وإن كان الله قد مسح دموعه على الأرض، فإن كل حزنٍ سيزول في كمال السماء.

الحالة الخالدة للمُخلَّصين

العلاقات البشرية هامة لنا هنا على الأرض. أفراح الآخرين وأحزانهم تلمس قلبنا وتثير عواطفنا. الروابط العائلية هامة والانفصال مؤلم. كل هذا جزء لا يتجزأ من حالتنا الفانية. عندما يرجع يسوع لأجل الدينونة، الجميع سيتحولون. الأموات يقومون. الجسد الفاني والذي هو فاسد وخاضع للموت سيصبح خالداً. "فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ. لأَنَّ هذَا الْفَاسِدَ لاَبُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ" (١ كورنثوس ١٥: ٥٢, ٥٣). في هذه الحالة، العلاقات الأسرية لا تعود تحمل نفس المعنى لنا. علّمنا يسوع أنه لن تكون هناك علاقات زواج في السماء (متى ٢٢: ٣٠). المشاعر في هذه الحياة ستبهت مقارنة بفرح الذي سيكون في حضور الرّب الإله.  ما من شيء سيشوه العلاقة بين المخلَّصين وحمل الله. القديسون سيستمرون في النظر إلى الأشياء التي لم تَرَها العيون الفانية على الإطلاق؛ وسيسمعون أشياء لم تسمعها الآذان الفانية أبداً؛ وسيعرفون ما لم يخطر على القلب على الإطلاق.

يسوع وخاصته سيتمجَّدون

سيأتي يوم يتراءى فيه الرّب يسوع لكل سكّان الأرض. الجميع سيقفون أمامه لكي يُدانوا (متى ٢٥: ٣١-٣٤). أتباعه الحقيقيون، وإن تعرّضوا للازدراء والرفض في حياتهم الأرضية، سيُؤخَذون إلى المجد (السماء). وهناك سيكونون قادرين على أن يسبحوا ويمجدوا الله إلى ما لا نهاية. الخلود سيحل محل الفناء. "وَمَتَى لَبِسَ هذَا الْفَاسِدُ عَدَمَ فَسَادٍ، وَلَبِسَ هذَا الْمَائِتُ عَدَمَ مَوْتٍ، فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ: «ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ»" (١ كورنثوس ١٥: ٥٤). انظر أيضاً ٢ كورنثوس ٥: ١. في هذه الحياة، تعرض القديسون للكثير من المحن، والتجارب، والصعوبات. بالنعمة، أولئك الذين وضعوا ثقتهم في المخلّص وثابروا حتى النهاية، سيؤخذون إلى السماء. الناس من كل الأصقاع ومن كل اللغات والأعمار الذين حفظوا الإيمان سيكونون هناك. هذا الحشد العظيم والذي لا يعد ولا يُحصى، والذين غُفرت خطيئتهم وتقدسوا بدم يسوع المسيح، سيقطنون السماء (رؤيا ٧: ٩-١٤). تلك الأرواح التي افتُديت في هذه الحياة ستتمجد في السماء. كم سيكون رائعاً اختبار قران كنيسته مع حمل الله. سيكون هذا مجداً يفوق الوصف (رؤيا ١٩: ٧ ٩).

السَّماءُ- تفوقُ الفهمَ البَشري

"فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ، لكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ" (١ كورنثوس ١٣: ١٢). مجد وروعة السماء لا يمكن فهمها بشكل كامل أو وصفها. أذهاننا تفهم الأشياء التي يمكننا أن نراها ونشعر بها. بينما نفهم أن السماء هي مسكن الروح مع الله، فإنه اختار ألا يكشف كل جوانب ذلك الوطن الأبدي. أُعطي استفانس، أول شهيد مسيحي، لمحة عن السماء. وبينما كان يُرجم بسبب إيمانه، "شَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ" (أعمال ٧: ٥٥). رغم أن الكثير من أمور السماء لا يمكن شرحها، نعلم كفاية بأننا، مثل الناس الأمناء عبر الأجيال، نرغب بأن نسكن إلى الأبد في المدينة التي صنعها الله. تخبرنا عبرانيين ١١: ١٠ أن إبراهيم بالإيمان "كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ". اقرأ أيضاً عبرانيين ١١: ١٣-١٦.

هل سنكون هناك؟

أين سنمضي عندما تنتهي الحياة؟ هل سنذهب إلى السماء؟ روح قدس الله ينبّهنا بلطف ويذكّرنا لكي نستعد من أجل مستقبلنا الأبدي. علينا أن ندرك حاجتنا إلى الله. بسبب سقوط الإنسان في البداية، خسر الإنسان (فقد) الحظوةَ التي كانت له مع الله. التوبة عن خطايانا ونيل المغفرة بدم يسوع المسيح يمكن أن يستعيد هذه العلاقة. وعندها يقبلنا الله كأبرار، ويغفر لنا. وبذلك نصبح أبناء الله بقوة الكلمة والروح القدس (يوحنا ٣: ٥؛ ١: ١٢). والسلام الذي نختبره هو تذوق مسبق لملء الراحة التي ستكون نصيبنا في ذلك المسكن الأبدي. كل نفسٍ يمكنها أن تدرك بوضوح تام في قلبها أن مسكناً قد أُعِدّ لها في السماء (يوحنا ١٤: ٢-٣).

اتصل بنا

اطلب نبذات

التوبة الحقيقية- باب الرحمة

إنها لحقيقة معروفة ، أننا كلنا بالطبيعة أموات بالذنوب والخطايا . وبالتالي فإن اعمالنا ميتة، ولا يمكننا أن نتحرر من هذا الموت وهذه الأعمال الميتة بدون توبة حقيقية مخلصة.

"توبوا وآمنوا بالإنجيل"

هذا هو أول أمر للخطاة، وبداية التعليم عن الحياة المسيحية ( مرقس ١٥:١ ، وعبرانيين ١٢:٥ و ١:٦ ) . إن الخاطئ الذي لم يختبر خلاص المسيح لا يستطيع إن يستجيب لفرائضه ووصاياه. ولذلك ، فإن التوبة يمكن مقارنتها بنار الممحص و أشنان القصار -- النار التي تنقي الذهب والفضة من المواد الغريبة ، و الاشنان التي تزيل البقع السوداء من الأقمشة ( ملاخي ٢:٣ ). فضلاً عن ذلك فإن النار تمحص جميع أنواع المعادن وتنقيها إعداداً لصياغتها وتشكيلها. والسبب الذي من أجله يجب أن نتوب هو لأن "الله . . . أقام يوماً هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل برجل قد عينه مقدماً للجميع إيماناً إذ أقامه من الأموات" (أعمال ١٧: ٣٠ و ٣١). ولهذا فمن الضروري جداً أن نمر في النار ، والسبك، والتشكيل، حتى لا نطرح جانباً في يوم الدينونة، لأننا لم نستعد، ولم نكن مؤهلين للملكوت السماوي.

إن التوبة ( أو الحاجة إلى التوبة ) تظهر أو تثبت لنا بأننا قد صرنا مذنبين ، وخداماً للخطية. الخطية أصلها الشيطان لأنه " من البدء يخطئ" (١ يوحنا ٨:٣ ). يشوب الكذب في كل خطية ، والشيطان هو أبو الكذاب ، وهو قتال للناس من البدء لأنه من البدء قد أخطأ (يوحنا ٤٤:٨).

لقد خلق الله آدم وحواء على صورته كشبهه ، وطبع عليهما صفاته القدسية وملأ قلبيهما بالروح القدس . ولو انهما استسلما لتعليم الروح القدس وسيادته وأطاعاه ، ما سقطا ، ولكن لأنهما لم يصدقا الله، بل صدقا الحية ( أو إبليس الذي إستخدم الحية كوسيط ) أصبحا متعديين -- وذبحهما الشيطان بكذبة واحدة وصار قائلاً لهما ، لأنهما كتب عليهما الموت في نفس اليوم الذي أكلا فيه من الشجرة المحرمة.

إن تعدي آدم وحواء هو أصل الخطية بالنسبة للإنسان . لأن الإنسان أصبح ميتاً ، واستمطر اللعنة على نفسه ، فكان من الممكن إن يهلك أبدياً لو لم يعده الله بالمخلص أو المنقذ الآتي .

إقرأ النص كاملاً التوبة الحقيقية- باب الرحمة

الله في محبته ورحمته التي لا يسبر غورهما ، قضى أمراً للجنس البشري ، ووعد بأن نسل المرأة سيسحق رأس الحية . ومع كون آدم قد آمن بهذا الوعد ، وتجدد بالتوبة، لكنه مع ذلك بقي خاضعاً للموت ، وخاطئا بالطبيعة-- الطبيعة الخاطئة التي غرست في كل نسله . إن هذا التصور والطبيعة الشريرة يسميان ب"الخطية المورثة"...

وكل طفل يولد في العالم يرث الخطية (مزمور ٥:٥١ ؛ ١٢:٥ ، ١٤، ١٥). لكن ، كون الطفل ليس لديه خطية فعلية يدان عليها ، بل خطية موروثة فقط ، فهو لا يستطيع أن يتوب لأن لا يستطيع التمييز بين الخير والشر.

فالخطية الأصلية في الطفل هي كبذرة في الأرض لم تعمق جذورها بعد ، وبالتالي لا تتكون شجرة الشر إن لم تمد البذرة جذورها ، والشجرة لم تنم بعد. ( تثنية ٣٩:١). ولكن عندما يبدأ الطفل يميز بين الخير والشر، ويستيقظ ضميره إلى حد إدانته على الخطايا التي يرتكبها ، عندئذ تصبح هذه الخطايا تحت الدينونة ، وإذا أراد طفل كهذا أن ينجو من دينونة الله العادلة يجب عليه أن يتوب. ولكن الأطفال الذين ما زالوا أبرياء من الخطايا الفعلية فإنهم يرثون ملكوت الله بدون توبة أو تجديد ، أو أية فريضة خارجية تنوبعنهم مع كون الخطية الموروثة متأصلة فيهم. فالخطية الموروثة قد غرست بعمق ، وتأصلت جذورها في طبيعتنا بحيث لا يمكن إستئصالها في هذه الحياة ، لا من الطفل البريء ، ولا من المؤمنين المتجددين حتى يأتي الموت ويفني هذا الجسد ، ثم تأتي القيامة وتغير شكل جسد تواضعنا الذي تسربت إليه الخطية ، ليكون على صورة جسد مجد الرب يسوع المسيح بهذا التغيير المجيد فقط نصيرمؤهلين لنرث الملكوت السماوي، لأن لحما ودما لن يرثا ملكوت الله ) كورنثوس ٥٠:١٥ ؛ فيليبي ٢١:٣ ( . يتكون الإنسان من جسد ونفس وروح، وقد تسمم كله وتلوث بالخطية والألم-- ولذلك فإن كل من يسلك في الخطية هو ميت (١تسالونيكي ٢٣:٥ ؛ افسس ١:٢.(

إن روح الله يتعامل مع الإنسان ويريه بأنه لا يمكن أن يقبله في يوم الدينونة بسبب آثامه ونجاساته ، ﻷن الله قدوس وعادل، ولا يمكن لشخص غير طاهر أن يملك معه في الملكوت السماوي .وعندما يحضر روح الله هذه الأمور إلى الذهن ، فإن روح الإنسان المتحدة مع النفس والجسد تصبح قلقة وخائفة إلى حد ما أنها تشتاق إلى ما تلجأ إليه كي تنال حرية مجد أولاد الله (رومية ١٩:٨و ٢١ و ٢٢ ) . إن روح الله يكشف للإنسان فساد قلبه وخطاياه وآثامه العديدة . وروح الإنسان الخالدة تشتاق إلى التحرر من "عبودية الفساد " وترغب في الإنتقال إلى حرية مجد أولاد الله.

كل هذه الأمور، تدفع الإنسان أن يشعر بخطاياه ويندم و يتوب عنها. عندئذ حين يدرك الإنسان أنه مصاب بمرض الخطية العضال ويجد نفسه مفعمة بفساد الشر من الرأس إلى القدم، ويحس بالتعب من حمل آثامه ، عندئذ يستنجد بالمسيح الذي ينادي جميع هؤلاء الخطاة قائلا: "تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (متى ٢٨:١١.(

إذا كان الخاطئ يشعر أنه قد أحزن الله بآثامه وخطاياه ( حتى ولو كان صغيرا في السن ولم يعش إلا عمرا قصيرا في الخطية فمثل هذا الصغير السن هو خاطئ في عيني الله، لأن كل ساعة من ساعات حياتنا ملك لله ، وإذا استخدم الإنسان وقته لذاته فهو يسرقه من الله) ومثل هذا الإنسان يحزن " لأن الحزن الذي بحسب مشيئة الله ينشئ توبة" (٢ كورنثوس ١٠:٧ (

الخطية تعرف بالناموس ، " على أن الخطية لا تحسب إن لم يكن ناموس (رومية ١٣:٥ و ٧:٧ ) والناموس هو المرآة التي يرى فيها الخاطىء خطيئته فيدينه حتى يتوب. يقول الناموس : "لا تشته" ، وبهذه الكلمات يستطيع الخاطىء ان يرى نفسه كيف يعيش في الشهوات والرغبات الشريرة ، الأمور التي يحكم الناموس عليها بالموت "لأنه مكتوب ملعون كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به" ( غلاطية ١:٣ ) . وعندما ينفذ نور ناموس الله المقدس في نفس الإنسان، ويعلن له تعديه فإنه يدينه حتى يعلم بأنه هالك لا محالة . فإن حزن وندم واعترف بذنبه لله، وبأن تصرفه وعمله يستحقان الموت الأبدي ، عندئذ يبدأ الخاطىء بالبحث عن علاج لمرضه وخطيئته . وحين يتأمل الخاطئ المثقل بخطيئته في جدارة الرب يسوع المسيح ، ويعرف أنه بموته صار علاجا له، وانه باستحقاقاته وبره، قد أطفا غضب الله ضده، لأنه احتمل هذا الغضب بدلا عنه على الصليب ، عندئذ يقتنع الخاطىء أن عليه أن يطلب المسيح -- الطبيب الشافي -- ليحصل على شفاء لمرضه.

الخطية تعرف بالناموس ، " على أن الخطية لا تحسب إن لم يكن ناموس (رومية ١٣:٥ و ٧:٧ ) والناموس هو المرآة التي يرى فيها الخاطىء خطيئته فيدينه حتى يتوب. يقول الناموس : "لا تشته" ، وبهذه الكلمات يستطيع الخاطىء ان يرى نفسه كيف يعيش في الشهوات والرغبات الشريرة ، الأمور التي يحكم الناموس عليها بالموت "لأنه مكتوب ملعون كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به" ( غلاطية ١:٣ ) . وعندما ينفذ نور ناموس الله المقدس في نفس الإنسان، ويعلن له تعديه فإنه يدينه حتى يعلم بأنه هالك لا محالة . فإن حزن وندم واعترف بذنبه لله، وبأن تصرفه وعمله يستحقان الموت الأبدي ، عندئذ يبدأ الخاطىء بالبحث عن علاج لمرضه وخطيئته . وحين يتأمل الخاطئ المثقل بخطيئته في جدارة الرب يسوع المسيح ، ويعرف أنه بموته صار علاجا له، وانه باستحقاقاته وبره، قد أطفا غضب الله ضده، لأنه احتمل هذا الغضب بدلا عنه على الصليب ، عندئذ يقتنع الخاطىء أن عليه أن يطلب المسيح -- الطبيب الشافي -- ليحصل على شفاء لمرضه.

قبل ذلك ، كان ضميره يبكته ، ولكنه الآن يتمتع بالسلام ، ﻷن بر الله الذي كان يشتكي على الخاطىء ، صار الآن واحدا مع البر الذي قد اشترك فيه في المسيح يسوع إذ يسود الآن سلام بين الله القدوس والإنسان الخاطىء كما يقول بولس" فإذ تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح") رومية ١:٥ .(

التوبة الحقيقية تشتمل على الغفران . فإن كان حزننا لا ينيلنا الغفران وسلام الضمير الصالح فهو حزن ناقص . إن غفران الخطايا يجب أن يكون نتيجة للتوبة الصادقة إلى الله. لأنه ما الجدوى من وضع الذهب في النار إن لم يتنق ويتطهر ويصبح صالحا للسبك ؟ وما فائدة أن نضع معدنا آخر في النار ولا نسبكه في شكل معين ؟ على هذا ،فإن التوبة التي تحوي غفران الخطايا ، هي النار التي تصهرنا لكي نتطهر بدم المسيح ونتنقى ونقبل الروح القدس حتى تصل إلى المثال الإلهي المقبول ، تماما كالمعدن الذي يصهر ويسبك.

هذا هو "شكل التعليم " الذي به نخلص من الخطية ونلبس قوة من الأعالي، حتى بنعمة الله نستطيع السير في طرقه (رومية ١٧:٦ (

اتصل بنا

اطلب نبذات

ثَمانٍ وأَربَعونَ سَاعةً في الجَحِيم

جون ن. رينولدز

إحدى حالات العودةِ إلى الحياة والوعي اللافتة التي عرفتُها كانت حالة جورج لينوكس، سارق الخيول الرديء السمعة في جيفرسون كاونتي. لقد كان يمضي الفترة الثانية من فترة سجنه. أرسلَتْه ولاية سيدجفيك إلى السجن للمرة الأولى من أجل جنحة مشابهة من سرقة الخيول.

خلال شتاء عام ١٨٨٧ و١٨٨٨ عمِل في مناجم الفحم. المكان الذي كان يعمل فيه بدا خطيراً بالنسبة له. وقدّم تقريراً بهذه الحقيقة إلى الموظف المسؤول، الذي قام بإجراء فحص، وقرر أن الحجرة كانت آمنة، وأمر لينوكس بأن يرجع إلى عمله. أطاع المحكوم، ولكن لم يتابع عمله أكثر من ساعة، إلا وسقط السقف ودفَنه تماماً. وبقي في تلك الحالة لساعتين كاملتين.

وإذ افتقدوه وقت العشاء، جرى البحث عن المحكوم المفقود، ووُجد تحت تلك الكومة من النفايات. بدت الحياة مُطفأة فيه. أُخذ إلى الأعلى، وبعد فحصه من قِبل طبيب السجن، أُعلنت وفاته. وحُمِلت جثته إلى المشفى حيث غُسِلت وأُلبِست، استعداداً للدفن. وأُعِدّ كفنه وجُلِب إلى المشفى. وصل القس ليقيم طقوس الحزن الأخيرة عليه استعداداً للدفن. وأمر المسؤول عن المشفى اثنين من المساجين برفع الجثمان عن الألواح وحمله عبر الحجرة ووضعه في الكفن. أطاع الرجلان، أحدهما عند الرأس، والآخر عند القدمين، وبينما كانا في منتصف الطريق عبر الغرفة تعثّر الرجل الذي كان عند الرأس فوق المِبْصَقة. وفقد توازنه، وأسقط الجثمان. فارتطم رأس الرجل الميت بأرضية الحجرة، ولدهشة وذهول كل الحاضرين، سُمع صوت أنينٍ عميق. وما لبثت وانفتحت العينان، وتبدّت علائم أخرى من الحياة عليه. استُدعي الطبيب على الفور، وريثما وصل، بعد حوالي ثلاثين دقيقة، طلب الميتُ كأس ماء، وكان يشرب الماء عندما وصل الطبيب.

أُزيل الكفن في الحال واستُخدم فيما بعد لدفن محكوم آخر. ونُزعت عنه ثياب الدفن أيضاً، وبدّلوا له ثياب السجن. لدى الفحص اكتشفوا أن إحدى ساقيه مكسورة في موضعين، ولم يكن هناك غير ذلك سوى كدمات. بقي في المستشفى نحو ستة أشهر، وعاد من جديد إلى العمل.

عَلِمْتُ عن خبرته بالتحديد خلال ما بدا أنه موت وما تلاه، من عامل منجم صديق لي. بدافع الفضول، تشوقتُ للقاء لينوكس لأعرف عن خبرته على لسانه. هذه الفرصة لم تُتح لي لعدة أشهر. وفي النهاية جاءت الفرصة. بعد أن نُقلت من المناجم أُفرِزتُ إلى أحد المناصب في السجن لأقدم بعض التقارير السنوية. موضوع عودة هذا الرجل إلى الحياة تمت مناقشتها في أحد الأيام، عندما صادف أن مرَّ بباب المكتب وأشار إليَّ. وسرعان ما وضعتُ قصاصة في يده، وطلبت منه أن يأتي حيث كنت في العمل. لقد فعل ذلك، وهنا تعرفت عليه، وسمعت قصته الرائعة من شفتيه. إنه شابٌّ، ربما لم يتجاوز الثلاثين من العمر. لقد  كان مجرماً قاسياً؛ كان يتمتع بثقافة جيدة، وكان ذكياً جداً بالطبيعة.

إقرأ النص كاملاً ثَمانٍ وأَربَعونَ سَاعةً في الجَحِيم

أروع جزء من قصته حدث في الوقت الذي كان فيه ميتاً. كوني مراسل اختزال، أخذت قصته من الكلام المُملى.

قال: "كان لدي حسّ داخلي طوال الصباح بأن شيئاً فظيعاً سيحدث. كنتُ غير مرتاح ولذلك ذهبتُ إلى رئيسي في العمل في المنجم السيد غراسون، وأخبرتُه بما كنتُ أشعر وسألتُه إذا ما كان يستطيع أن يأتي ويفحص حجرة الفحم الخاصة بي، ذلك المكان الذي كنتُ أحفر فيه الفحم. فجاء وبدا أنه أجرى فحصاً شاملاً، وأمرني أن أعود إلى العمل، قائلاً أنه ليس هناك خطر، وأنه كان يظن أني أصبحت "غريب الأطوار". عدتُ إلى عملي، وتابعتُ الحفر لحوالي ساعة، عندما فجأة، صار الجو مظلماً. ثم بدا لي وكأن باباً معدنياً ضخما ًتأرجح وانفتح أمامي ومررتُ عبره. ثم طرأت إلى ذهني فكرة أني كنتُ ميتاً وفي عالم آخر. لم أستطع أن أرى أحداً، ولا سمعتُ أي صوت من أي نوع. ولسبب ما لستُ أعرفه في نفسي، بدأتُ أتحركُ مبتعدا ًعن المدخل، وقطعتُ مسافة إلى أن وصلتُ إلى ضفاف نهر عريض. لم يكن مظلماً، ولا منيراً. لقد كان هناك نور كما في ليلة مضاءة بضوء نجومٍ ساطعة. لم أمكث على ضفاف ذلك النهر طويلاً حتى سمعتُ صوت المجاذيف في المياه، وما لبث شخص في قارب أن جذَّفَ إلى حيث كنتُ أقف.

"كنت صامتاً. نظر إليّ لوهلة، ثم قال لي أنه جاء لأجلي، وطلب مني أن أصعد إلى القارب وأن أجذّف إلى الضفة الأخرى. فأطعتُه. لم نتكلم بأي كلمة. كنتُ أتوق لأن أسأله عمّن يكون، وأين كنتُ أنا. بدا لساني ملتصقاً بسقف حلقي. لم أستطع أن أنطق بكلمة. وأخيراً، وصلنا إلى الشاطئ المقابل. ترجلتُ من القارب واختفى النّوتي عن النظر.

"وإذ تُرِكْتُ وحدي، لم أعرف ما أفعل. رفعتُ بصري إلى الأمام، فرأيتُ طريقين يقودان إلى وادٍ مظلم. أحدهما كان طريقاً عريضاً بدا وأنه كان حسن للسفر. الآخر كان ممراً ضيقاً ويقود إلى اتجاه آخر. اتبعتُ غريزياً الطريق المطروق أكثر. لم أمضِ كثيراً حتى بدا أن الطريق يصبح أكثر عتمة. من حين لآخر، كان يسطع نور من بعد، وهذا أنار طريق رحلتي.

"وفي التو التقيتُ بكائن يستحيل علي تماماً أن أصفه. يمكنني أن أعطيك فكرة بسيطة عن مظهره الفظيع. كان يشبه الإنسان نوعاً ما، ولكنه كان أضخم بكثير من أي كائن بشري رأيتُهُ على الإطلاق. لابد أن طوله كان حوالي عشرة أقدام. كان لديه جناحان كبيران إلى ظهره. كان أسودَ كالفحم الذي كنتُ أحفره، وفي حالة عري تام. كان في يده رمح، مقبضه كان يبلغ خمسة عشر قدماً طولاً. وعيناه بدتا كمثل كُرَتين من النار. وأسنانه، بيضاء كاللؤلؤ، بدتْ بطول إنشٍ كامل. وأنفه، إن كان بإمكانك أن تدعوه أنفاً، كان طويلاً جداً وعريضاً ومسطحاً. كان شعره خشناً جداً، وكثيفاً وطويلاً. كان يتدلى على كتفيه الضخمين. وبدا صوته أشبه بزئير أسدٍ في معرض وحوش أكثر من أي شيء آخر يمكن أن أتذكره.

"رأيتُه لأول مرة خلال إحدى ومضات النور. ارتجفتُ مثل ورقة حورٍ رجراج لدى رؤيته. كان قد رفع رمحه إلى الأعلى وكأنه سيصوّبه نحوي. توقفتُ فجأة. وبصوته المخيف أمرني أن أتبعه؛ يبدو أنه أُرسل ليرشدني في رحلتي. فتبعتُه. ما الذي كان يمكنني أن أفعله غير ذلك؟ بعد أن قطع بعض المسافة تبدى جبل كبير يبزغ أمامنا. الجانب المواجه لنا بدا شديد التحدر، وكأن جبلاً قد قُطع إلى نصفين وأُزيل أحدهما. على هذا الجدار الشديد التحدر استطعت أن أميز بوضوح هذه الكلمات: "هذا هو الجحيم". اقترب مرشدي من هذا الجدار المتحدر، وبمقبض رمحه طرق ثلاث دقات مرتفعة الصوت. فتحرك باب هائل جسيم إلى الوراء ومررنا خلاله. وهنا رأيت ما بدا أنه ممر عبر هذا الجبل.

"لبرهة سافرنا إلى الظلمة المصرية. أمكنني أن أسمع وقعَ الخطوات الثقيلة لمرشدي وهكذا أمكنني أن أتبعه. أمكنني أن أسمع طوال الطريق أنّات عميقة وكأن شخصا ًيحتضر. وإلى الأمام، ازدادت هذه الأنّات، واستطعت أن أسمع بوضوح صوتاً يقول، ماء، ماء، ماء. وإذ أتينا إلى بوّابة أخرى ومررنا عبرها، استطعت أن أسمع، على ما يبدو، مليون صوت على مبعدة. والصرخة كانت لأجل الماء، الماء. ثم فُتح أمامنا باب ضخم آخر لدى قرع مرشدي، واكتشفت أننا عبرنا الجبل، والآن تبدى أمامي سهلٌ فسيح.

"في هذا المكان تركني مرشدي ليقود أرواحاً ضالة أخرى إلى نفس الوجهة. مكثتُ في هذا السهل الواسع لفترة، وإذا بكائن يشبه نوعاً ما ذاك الأول قد جاء إلي؛ ولكن بدلاً من رمح كان معه سيفٌ ضخمٌ. جاء ليخبرني عن هلاكي المستقبلي. تكلّم إلي بصوت جلب الرعب إلى نفسي. قال: "أنتَ في الجحيم. ولا أمل لك على الإطلاق. عندما كنت تجتاز الجبل في ذلك الطريق إلى هنا، قد سمعتَ أنّات وصرخات الضالين وهم يصرخون طالبين الماء ليبرّدوا ألسنتهم التي جفّت عطشاً. إلى الأمام عند ذلك الممر هناك باب يُفتح إلى بحيرة النار. سرعان ما سيكون هذا مصيرك. قبل أن نقودك إلى هذا المكان من العذاب الذي لا يمكن العودة منه إذ أنه لا رجاء لأولئك الذين يدخلون هناك سيُسمح لك بأن تبقى في هذا الوادي الفسيح، المسموح فيه لجميع الضالين بأن يروا ما كانوا ليتمتعوا به بدلاً مما يجب أن يعانوا منه".

"مع هذه الكلمات تُركتُ لوحدي. وهنا انصعقتُ، لا أدري إن كان ذلك بسبب الرعب الفظيع الذي مررت به. تملّك كياني وهنٌ كئيب عظيم بشكل كامل. وفارقتني قوتي وما عادت أوصالي تستطيع أن تحمل جسدي أكثر. نزلت منهكاً إلى حشد عاجز لا حول له ولا قوة. وتمكّن مني النعاس. وإذ أنا نصف مستيقظ ونصف نائم، بدا لي أني أحلم. إذ رأيتُ فوقي، وعلى بعد، المدينة الجميلة التي نقرأ عنها في الكتاب المقَدّس. كم كانت جميلة رائعة جدران اليشب فيها. وإذ مددتُ بصري إلى البعيد، رأيتُ سهولاً فسيحة مغطاة بأزهار جميلة. ورأيتُ أيضاً نهر الحياة وبحر الزجاج. آلاف مؤلفة من الملائكة كانت تدخل وتخرج عبر بوابات المدينة وهي تسبّح وترنّم، بأجمل الترانيم. ومن بين الحشد رأيتُ أمي العجوز العزيزة، التي ماتت قبل بضعة سنوات بقلبٍ محطم بسبب شروري وآثامي. نظرَتْ إليَّ وبَدَتْ وكأنها تومئ إليّ أن آتي إليها، ولكني لم أستطع أن أتحرك. بدا وكأن ثقلاً هائلاً يقبع على كتفي ويبقيني إلى الأسفل. ثم هبّ نسيم عليل حمل عبير تلك الورود الجميلة نحوي، واستطعتُ الآن أن أسمع بوضوح أكثر من ذي قبل، صوت لحن أصوات الملائكة، وقلت: "ألا ليتني كنتُ واحداً منهم".

"وإذ كنتُ أحتسي من كأس الغبطة هذا، انزلق فجأة من شفتي. أُوقِظتُ من غفوتي. وأُرجِعتُ من أرض الأحلام السعيدة من قِبل أحد نزلاء مسكني المظلم، الذي قال أنه آن الأوان لأدخل إلى مجرى حياتي المستقبلية. وأمرني أن أتبعه. وعدتُ أدراجي ودخلتُ إلى الممر المظلم، وتبعتُ مرشدي لوهلة، ووصلنا إلى باب فُتِحَ في جانب الممر، وإذ سرنا على طول الطريق، وجدنا أنفسنا أخيراً نعبر باباً آخر، ويا للفظاعة! رأيتُ بحيرة النار.

"أمكنني أن أرى أمامي مباشرة، وعلى مد بصري، حرفياً، بحيرة النار والكبريت. أمواج هائلة من النار راحت تتدحرج فوق بعضها البعض، وأمواج عظيمة من لهيب متقد راحت تندفع نحو بعضها البعض وتثب عالياً في الهواء كأمواج البحر خلال عاصفة عنيفة. وفي ذروة الأمواج استطعت أن أرى كائنات بشرية تصعد لتنزل بعدها ساقطةً من جديد إلى أسفل دركات بحيرة النار الفظيعة هذه. عندما كانت تُرفع إلى أعلى موجات النار الفظيعة لوهلة كانت تتصاعد أصوات لعناتهم ضد الإله العادل، وصرخاتهم المثيرة للشفقة والتي تمزق الفؤاد طالبة الماء. هذه المنطقة الضخمة الوسيعة من النار كانت تردد صدى عويل تلك الأرواح الهالكة مراراً وتكراراً.

"وهنا التفتتُ ببصري إلى الباب الذي كنتُ قد دخلته قبل بضعة دقائق، وقرأت هذه الكلمات الفظيعة: "هذا هو مصيري؛ أبدية لا تنتهي". وفجأة شعرتُ الأرض تميد تحت أقدامي، ووجدتُ نفسي أغوص إلى بحيرة النار. وأصابني شعور بالعطش إلى الماء لا يمكن وصفه. وإذ صرختُ طالباً الماء انفتحت عينيَّ لأجد نفسي في مشفى السجن.

"لم أُخبر أحداً من قبل عن خبرتي هذه لئلا يسمعها ضباط السجن فيعتبرونني مجنوناً ويحتجزونني في مشفى المجانين. مررتُ خلال كل ذلك، وأنا راضٍ تماماً لأني على قيد الحياة، عالماً أن هناك سماء وجحيم، وجحيم قديم الطراز اعتيادي، ذلك النوع الذي يخبرنا عنه الكتاب المقَدّس. ولكن هناك أمر واحد مؤكد، سوف لن أذهب أبداً إلى ذلك المكان من بعد.

"حالما فتحتُ عينيّ في المشفى ووجدتُ أني على قيد الحياة وعلى الأرض من جديد، قدَّمتُ قلبي لله فوراً وسوف أعيش وأموت كمسيحي. وسوف لن تفارق ذاكرتي الصور الفظيعة للجحيم وكذلك الأشياء الجميلة التي رأيتها في السماء. سوف ألتقي بأمي العجوز العزيزة بعد برهة. سيُسمح لي بأن أجلس إلى ضفة ذلك النهر الجميل، أن أجول مع تلك الملائكة عبر السهول، وعبر الوديان وفوق التلال التي تفرشها الورود العطرة، الجمال الذي يفوق خيال أيّ إنسانٍ فانٍ؛ أن أصغي إلى ترانيم المخلّصين كل ذلك سيكون أكثر من تعويض لي عن الحياة التي عشتها هنا كمسيحي على الأرض، حتى وإن سبق وتمتعتُ بالكثير من الملذات الحسية التي انغمستُ فيها قبل أن آتي إلى السجن. لقد هجرتُ رفقائي في الجريمة، وسوف أرافق أناس صالحين عندما أصبح إنساناً حرّاً من جديد".

إننا نورد الرواية إلى القارئ كما تلقيناها من لينوكس. ليبارك الله هذه الخبرة لإيقاظ الكثير من النفوس الضالة.

كيف يمكن للبشر أن يشكوا في الوجود الحقيقي لجحيم ملتهب بكل معنى الكلمة؟ لدينا الكتاب المقَدّس، كلمة الله، ورؤيا كمثل تلك التي رآها السيد لينوكس والتي تعلّمنا بوجود جحيم حرفياً. أيّها الرجال والنساء، كفّوا. واجهوا الحقائق. حياتكم تمضي. الله يريد أن يخلّصكم وسوف يغفر لكم عندما تكونون على استعداد لأن تقروا بأنكم خطأة. الطريقة الوحيدة للخلاص هي أن تتطهروا من الخطيئة، بقبول دم يسوع المسيح كذبيحة عن خطاياكم. عندما تقبلون هذه المغفرة من الله، فإنه سيعطيكم سلاماً وراحةً في قلبكم. يمكنكم أن تكونوا أحراراً في هذه الحياة وأكثر من ذلك، أحراراً لتختبروا غبطة السماء بدلاً من واقع، ليس فقط ثمانٍ وأربعين ساعةً، بل الأبدية في الجحيم.

الغنيُّ ولَعَازر

(لوقا ١٦: ١٩-٣١)

"«كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ وَكَانَ يَلْبَسُ الأَرْجُوانَ وَالْبَزَّ وَهُوَ يَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مُتَرَفِّهًا. وَكَانَ مِسْكِينٌ اسْمُهُ لِعَازَرُ، الَّذِي طُرِحَ عِنْدَ بَابِهِ مَضْرُوبًا بِالْقُرُوحِ، وَيَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الْفُتَاتِ السَّاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الْغَنِيِّ، بَلْ كَانَتِ الْكِلاَبُ تَأْتِي وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ. فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ، فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الجَحِيمِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ، فَنَادَى وَقَالَ: يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، ارْحَمْنِي، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هذَا اللَّهِيبِ. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِي، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ. وَفَوْقَ هذَا كُلِّهِ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبِتَتْ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ ههُنَا إِلَيْكُمْ لاَ يَقْدِرُونَ، وَلاَ الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا. فَقَالَ: أَسْأَلُكَ إِذًا، يَا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي، لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هذَا. قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ، لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ. فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ»".

قراءات كتابية أخرى: رؤيا ٢١: ٧-٨؛ رؤيا ٢٠: ١٠، ١٢، ١٣؛ ٢ بطرس ٣: ١٠-١٢.

اتصل بنا

اطلب نبذات